كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَيْ الْمُوَافِقُ لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلْيَنْقُضْ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: مَسُّهُ إلَخْ) أَيْ الْأَصْلِيُّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا النَّقْضَ) أَيْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ الِانْسِدَادُ أَصْلِيًّا وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّارِحِ إذَا كَانَ عَارِضِيًّا كَمَا يَأْتِي وَأَمَّا الرَّمْلِيُّ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ.
وَأَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَهُمْ فَتَنْتَقِلُ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا فِيهِ إلَى الْمُنْفَتِحِ وَتَنْسَلِبُ عَنْ الْأَصْلِيِّ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا قَدْ يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فَيَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْفَرْجِ حَتَّى يَجِبَ سَتْرُهُ إذَا كَانَ فَوْقَ السُّرَّةِ وَهَلْ لَهُ حَرِيمٌ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهِ كَمَا حَرُمَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ حَرِيمُ الْفَرْجِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ حُرْمَةُ التَّمَتُّعِ بِهِ مِنْ الْحَائِضِ، وَأَنَّهُ لَا حَرِيمَ لَهُ، وَأَنَّ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ بِحَالِهِ، وَإِذَا وَجَبَ سَتْرُهُ هَلْ يَجِبُ كَشْفُهُ عِنْدَ السُّجُودِ أَوْ لَا بَلْ يَسْجُدُ عَلَيْهِ مَسْتُورًا الظَّاهِرُ م ر هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ حُصُولِ السُّجُودِ وَالسَّتْرِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مَعَ الْحَائِلِ جَائِزٌ لِلْعُذْرِ كَمَا فِي عِصَابَةِ جِرَاحَةٍ شَقَّ إزَالَتُهَا سم.
قَالَ ع ش فَرْعٌ لَوْ خُلِقَتْ السُّرَّةُ فِي مَحَلٍّ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ كَصَدْرِهِ أَوْ الرُّكْبَةُ أَسْفَلَ مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا دُونَ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ وَلَوْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ سُرَّةٌ أَوْ رُكْبَةٌ قُدِّرَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مُنْسَدِّهِ) أَيْ أَوْ خُلِقَ غَيْرَ مُنْسَدِّ الْمَخْرَجِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْفَرْجَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْمَخْرَجِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَالْأَوْلَى إرْجَاعُهُ لِجِنْسِ الْمَخْرَجِ الصَّادِقِ بِهِمَا وَبِأَحَدِهِمَا كَمَا يَأْتِي عَنْ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (انْسَدَّ مَخْرَجُهُ) أَيْ جِنْسُهُ فَيَصْدُقُ بِمَا لَوْ انْسَدَّ أَحَدُ مَخْرَجَيْهِ ثُمَّ انْفَتَحَتْ لَهُ ثُقْبَةٌ ع ش عِبَارَةُ سم ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَكْفِي انْسِدَادُ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ وَصَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِاشْتِرَاطِ انْسِدَادِهِمَا، وَأَنَّهُ لَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ لِلثَّانِي لَا غَيْرُ.
وَبَسَطَ الشَّارِحِ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَذَكَرَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الصَّيْمَرِيِّ ضَعِيفٌ قَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ، وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: الْمُعْتَادُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْأَصْلِيُّ قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّ بِلَحْمَةٍ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِاشْتِرَاطِ انْسِدَادِهِمَا وَقَالَ لَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمَعِدَةُ أَيْ الْمُرَادُ بِهَا.
(قَوْلُهُ: سُرَّتُهُ) فَمُرَادُهُمْ بِتَحْتِ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: مَا تَحْتَ السُّرَّةِ أَيْ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهَا فَلَا عِبْرَةَ بِانْفِتَاحِهِ فِي السَّاقِ وَالْقَدَمِ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا نَادِرٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّادِرِ غَيْرَ الْمُعْتَادِ فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يُعْهَدْ لَهُ خُرُوجٌ أَصْلًا وَلَا مَرَّةً سم.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الرِّيحُ إلَخْ) هَذَا مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ فِي زِيَادَتِهَا فَقَالَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الرِّيحَ مِنْ الْمُعْتَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ انْتَهَى. اهـ. بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَوْقَهَا) بَقِيَ مَا لَوْ انْفَتَحَ وَاحِدٌ تَحْتَهَا وَآخَرُ فَوْقَهَا وَالْوَجْهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا تَحْتَهَا وَلَوْ انْفَتَحَ اثْنَانِ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْسَدٌّ فَهَلْ يَنْقُضُ خَارِجُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْأَصْلِيِّ مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْزِيلًا لَهُمَا مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّيْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَوْ تَعَدَّدَ هَذَا الثُّقْبُ وَكَانَ يَخْرُجُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ فَيَنْبَغِي النَّقْضُ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ أَحَصَلَ انْفِتَاحُهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَصْلِيَّيْنِ م ر، وَيَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْوَطْءُ فِي هَذَا الثُّقْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَلِيلَةِ دُبُرٌ م ر. اهـ. بِحُرُوفِهِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي الثُّقْبِ فَيَشْمَلُ الْمُتَحَاذِيَةَ وَمَا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْ الْمَعِدَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ أَيْ الْمَعِدَةِ وَالْمُرَادُ فَوْقَ تَحْتِهَا كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ فَوْقَهُ أَيْ فَوْقَ تَحْتِ الْمَعِدَةِ حَتَّى تَدْخُلَ هِيَ بِأَنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ أَوْ مُحَاذِيهَا أَوْ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ) إذْ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ تُلْقِيهِ إلَى الْأَسْفَلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَنْهُ غَنِيٌّ) أَيْ لَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِ الْحَادِثِ مَخْرَجًا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إلَخْ) هَذَا فِي الْعَارِضِ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ وَلَا بِالْإِيلَاجِ فِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِانْفِتَاحِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ نَحْوِ فَمِهِ لَا يَنْقُضُ لِانْفِتَاحِهِ أَصَالَةً نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمِمَّا يَرُدُّ الِاسْتِبْعَادَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرٌ فَوْقَ سُرَّتِهِ يَبُولُ مِنْهُ وَيُجَامِعُ بِهِ وَلَا ذَكَرَ لَهُ سِوَاهُ أَلَا تَرَى أَنَّا نُدِيرُ الْأَحْكَامَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّا نَجْعَلُ لَهُ حُكْمَ النَّقْضِ فَقَطْ وَلَا حُكْمَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ. اهـ. وَقَوْلُهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَعْنِي بِهِ الشَّارِحَ.
(قَوْلُهُ لَوْ نَامَ مُمَكِّنَهُ) أَيْ الْمُنْفَتِحَ النَّاقِضَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِانْفِتَاحُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا ع ش.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) هَذَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حِلِّ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى الِانْسِدَادِ الطَّارِئِ وَذَكَرَ حُكْمَ الِانْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ قَبْلَهُ عَلَى خِلَافِ مَا سَلَكَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ فَصَلَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ مُنْسَدٌّ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مُنْفَتِحٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ فَوْقَهَا غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى تَحْتُ بَلْ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ انْفَتَحَ وَجُمْلَةُ الْمَحْذُوفِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَطْفِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ كَمَا فِي الْأَلْفِيَّةِ، وَهُوَ أَيْ الْوَاوُ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ أَوْ مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَوْ يُخَصُّ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِحَيْثُ لَا يَشْمَلُ مَا نَحْنُ فِيهِ سم وَقَدْ يُدَّعَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ تَفْصِيلُ جَوَابِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: لَا بَقِيَ بِقَيْدِ مَا قَبْلَهُ) يَعْنِي الِانْسِدَادَ الْأَصْلِيَّ بَلْ الْأَصْلِيَّ.
(الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ التَّمْيِيزِ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِ سُكْرٍ وَلَوْ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ إجْمَاعًا أَوْ نَوْمٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَقَدْ بَيَّنْت خُلَاصَةَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَعْرِيفِ الْعَقْلِ وَتَوَابِعِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْبَعُهُ وَأُسُّهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى النُّورِ مِنْ الشَّمْسِ وَالرُّؤْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَمَنْ عَكَسَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يُوصَفُ بِهِ لَا بِالْعَقْلِ (إلَّا) مُتَّصِلٌ كَمَا عُرِفَ فِي تَفْسِيرِ الْعَقْلِ بِمَا ذُكِرَ (نَوْمَ) قَاعِدٍ (مُمَكِّنِ مَقْعَدِهِ) أَيْ أَلْيَيْهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَلَوْ دَابَّةً سَائِرَةً، وَإِنْ اسْتَنَدَ لِمَا لَوْ زَالَ عَنْهُ لَسَقَطَ أَوْ احْتَبَى وَلَيْسَ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ لِلْأَمْنِ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ حِينَئِذٍ وَعَلَيْهِ حَمَلْنَا خَبَرَ مُسْلِمٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد يَنَامُونَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَمْنِ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ نَائِمًا غَيْرَ مُمَكَّنٍ مَعْصُومٌ كَالْخَضِرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَبِيٌّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ تُنَازِعُهُ قَاعِدَةُ أَنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ عَدُّ الْمَتْنِ الزَّوَالَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ النَّائِمِ الْمُمَكَّنِ سَبَبًا لِلْحَدَثِ.
وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَجْهُ عَدِّهِ أَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ قَالَ الْأَوَّلُ الْخُرُوجُ نَفْسُهُ وَالثَّانِي سَبَبُهُ وَخَرَجَ بِالْقَاعِدِ الْمُمَكِّنُ غَيْرَهُ كَالنَّائِمِ عَلَى قَفَاهُ، وَإِنْ اسْتَثْفَرَ وَأَلْصَقَ مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ وَبِالنَّوْمِ النُّعَاسُ وَأَوَائِلُ نَشْأَةِ السُّكْرِ لِبَقَاءِ نَوْعٍ مِنْ التَّمْيِيزِ مَعَهُمَا إذْ مِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ شَاكٍّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ أَوْ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَوْ لَا أَوْ هَلْ زَالَتْ أَلْيَتُهُ قَبْلَ الْيَقِظَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَتَيَقُّنُ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُرَجِّحَةٌ لِأَحَدِ طَرَفَيْهِ وَلَا وُضُوءُ نَبِيِّنَا كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ بِالنَّوْمِ لِبَقَاءِ يَقَظَةِ قُلُوبِهِمْ فَتُدْرِكَ الْخَارِجَ وَعَدَمُ إدْرَاكِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي قِصَّةِ الْوَادِي؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهَا مِنْ وَظَائِفِ الْبَصَرِ أَوْ صُرِفَ الْقَلْبُ عَنْهُ لِلتَّشْرِيعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اسْتَلْزَمَهُ) يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا نَوْمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّوْمَ الْمَذْكُورَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ بِشَيْءٍ إلَّا نَوْمَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَاعِدٍ مُمَكَّنٍ) التَّقْيِيدُ بِالْقَاعِدِ الَّذِي زَادَهُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَائِمَ قَدْ يَكُونُ مُمَكَّنًا كَمَا لَوْ انْتَصَبَ وَفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَلْصَقَ الْمَخْرَجَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ إلَى حَدِّ الْمَخْرَجِ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَمَكُّنٌ مَانِعٌ مِنْ النَّقْضِ فَيَنْبَغِي الْإِطْلَاقُ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ حَمَلْنَا خَبَرَ مُسْلِمٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت حَمْلُ الْخَبَرِ عَلَى هَذَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى النَّوْمِ الْخَفِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ خُرُوجِ الْخَارِجِ قُلْت بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْخَارِجِ قَدْ يَخِفُّ جِدًّا بِحَيْثُ يَخْفَى مَعَ أَدْنَى نَوْمٍ بِخِلَافِ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْخُرُوجَ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ حَدَثٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ خَبَرِهِ أَوْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَزَعَمَ أَنَّ خَبَرَهُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ بَلْ الظَّنَّ وَلَا يُرْفَعُ يَقِينُ طُهْرٍ بِظَنِّ حَدَثٍ يُبْطِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِي الْمَاءِ لَزِمَهُ قَبُولُ خَبَرِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا، وَإِنْ كَانَ ظَنًّا إلَّا أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْيَقِينِ شَرْعًا فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ. اهـ.
وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِهِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِيهِ لَزِمَهُ تَطْهِيرُهُ ثُمَّ رَأَيْت التَّنْبِيهَ الْآتِيَ فِي كَلَامِهِ وَالْوَجْهُ أَنَّ شَرْطَ لُزُومِ قَبُولِ خَبَرِهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إخْبَارِهِ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِتَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ نَفْسَهُ لَا يُؤَثِّرُ فَظَنُّ غَيْرِهِ أَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ تَذَكَّرْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي لُزُومِ التَّطْهِيرِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي أَخْبَرَ الْعَدْلُ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تُنَازِعُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَعَسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَتَيَقَّنَ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ الشَّكِّ إلَخْ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ غَيْرُ مُتَّجِهَةٍ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا إنْ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِ النَّوْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالشَّكِّ فِي النَّقْضِ حَيْثُ لَا تَمْكِينَ بَلْ هِيَ مُرَجَّحَةٌ مَعَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ خَاصَّةِ الشَّيْءِ تُرَجِّحُ بَلْ قَدْ تَعَيَّنَ وُجُودُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالنَّقْضِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إذْ لَا نَقْضَ بِالشَّكِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا وَإِلَّا حَصَلَ النَّقْضُ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.